القائمة الرئيسية

الصفحات





ذكر الله سبحانه وتعالى لنا في القرآن الكريم ظاهرة النوم في معرض الامتنان علينا، والبيان لنا بأن هذه الظاهرة آية من آياته؛ وهذا البيان يدلنا على أمور كثيرة منها: إثبات أن النوم ضروري للإنسان، ومنها حصول الضرر لمن يخالف الفطرة التي جبل الله الخلق عليها من التمتع بالنوم، ومنها أن عدم النوم بالمقدار الذي يحتاجه الإنسان منه قد يفضي إلى الهلاك. إلى غير ذلك من المعروف حول هذه الظاهرة مما كان الإنسان في عصر تنزل القرآن الكريم على جهل تام بها؛ وما ذلك إلا لكونها مصنفة وإلى زمن قريب مع الأسرار الكونية، التي لا يحيط بها علما إلا الله جل وعلا.
ولكن الذي حصل هو أنه بعد تطور مسيرة البحوث العلمية، وتمكن الإنسان من اكتشاف الحقائق المتعلقة بالكثير من القضايا الكونية ومنها النوم فإنه قد استطاع إدراك مناط الحقيقة الكامنة وراء وصف الله جل وعلا لهذا النوم بأنه آية من آياته جل وعلا. أولا: يقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}... [الفرقان : 47]. ويقول كذلك وهو أصدق القائلين: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا}... [النبأ : 9]. ويقول جل وعلا: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}... (الزمر : 42). وقال جل جلاله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}... (القصص : 72). وبعد رؤيتنا لهذه الآيات الكريمة نستجلي ما ورد حول معنى النوم، وكما يلي: ما ورد حول معنى النوم: وأول ما نذكره هنا قول الشريف الجرجاني في تعريفاته ص248 ومفاده أن: (النوم: حالة طبيعية تتعطل معها القوى) ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن فارس في معجم مقاييس اللغة ج5 ص372 373 عن النوم حيث قال: (النون والواو والميم أصل صحيح يدل على جمود وسكون حركة. منه النوم. نام ينام نوم او مناما. وهو نؤوم ونؤمة كثير النوم. ورجل نومة: خامل لا يؤبه له. ومنه استنام لي فلان إذا اطمئن إليه وسكن). وأما الزبيدي في تاج العروس ج9 ص58 فقد قال: (النوم غشي ثقيل يهجم على القلب فيقطعه عن معرفة الأشياء) وجاء حول معنى النوم في ج2 ص965 من المعجم الوسيط ما يلي: (فترة راحة للبدن والعقل تغيب خلالها الإرادة والوعي جزئيا أو كليا، وتتوقف فيها جزئيا الوظائف البدنية). وأما عند المفسرين فنجد ابن عاشور في التحرير والتنوير ج3. ص19 عند قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا}... (النبأ : 9)، يقول: (وفي هذا امتنان على الناس بخلق نظام النوم فيهم، لتحصل لهم راحة من أتعاب العمل الذي يكدحون له في نهارهم، فالله تعالى جعل النوم حاصلا للإنسان بدون اختياره. فالنوم يلجئ الإنسان إلى قطع العمل لتحصل راحة لمجموعه العصبي الذي ركنه في الدماغ. فبتلك الراحة يستجد العصب قواه التي أوهنها عمل الحواس وحركات الأعضاء وأعمالها. بحيث لو تعلقت رغبة أحد بالسهر لابد له من أن يغلبه النوم وذلك لطف بالإنسان بحيث يحصل له ما به منفعة مدركه قسرا عليه لئلا يتهاون به. ولذلك قيل إن أقل الناس نوما أقصرهم عمرا وكذلك الحيوان).
ويقول الشيخ عبدالرحمن الميداني في كتابه تدبر سورة الفرقان عند الآية 47: (النوم حاجة متكررة معروفة من حاجات الأحياء وهو في حقيقته وفاة صغرى للنفوس، ففيه يتوقف الحس الظاهر عن العمل فيكون النائم كالميت الذي لا يستجيب لشيء مما حوله). وقد أبان الله عز وجل أن النوم جزء من وفاة الأنفس وأنه وفاة دون وفاة للأنفس فقال عز وجل في سورة الزمر الآية 42: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ومن عجيب ظاهرة النوم أنه عرض يتم في الإنسان من غير سلطان إرادته فهو لا يملك السيطرة على النوم وقد يتمناه محتاجا إليه فلا يستطيعه وقد يشتهي السهر فيغلبه سلطان النوم، وقد اتضح للباحثين من علماء الطبيعة أن النوم أهم للحياة من الطعام والشراب.
ومن آيات الله التي اكتشفها العلماء الطبيعيون في ظاهرة النوم أن ملايين الخلايا في المخ تنفصل عن مقابلاتها حالة النوم وتتصل فتتماس ببعضها البعض حالة اليقظة، فالحادثة شبيهة بفصل مجمع كهربائي ذي أسلاك اتصال تعد بالملايين وكل منها يؤدي وظيفة خاصة يتصل بناحية من أنحاء المدينة العظيمة، وإذا كان كل ذي حياة مما نعرف من الأحياء بحاجة إلى النوم فمن الذي يدبر أمر الأحياء وهي نائمة فاقدة شعورها الظاهر. إن منطق حقائق هذا الكون يهدينا إلى ضرورة وجود موجود عظيم حي لا تأخذه سنة ولا نوم. سباتا: السبات أصله الراحة والسكون. قال الزجاج: السبات: أن ينقطع الحي عن الحركة والراحة في بدنه. فقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي وجعلنا نومكم راحة لكم. تقول لغة: سبت يسبت إذا نام لينال ما يحتاجه من الراحة. وقد أثبت علماء الأحياء أن استرخاء الجسم في حالة النوم يساعد على تنظيم الدورة الدموية ومدها بالنشاط الجديد، ليساعد ذلك على طرد ما علق في أنحاء الجسم من مواد ضارة كالأرق أو اليقظة الطويلة السبب في علوقها وترسبها.... وانظر ص218 ـ222 من هذا الكتاب.
ويزيد الشيخ متولي الشعراوي يرحمه الله هذا المعنى وضوحا حيث يقول: (مقومات الحياة هذه الحياة لونان: لون يقظة وهذه للحركة والعمل، ولون فيه نوم كأن أول مقوم للحياة لا تعتقد أنه الطعام والشراب فقط، مسألة النوم هذه. النوم الذي عجز الفلاسفة والعلماء الكيميائيون في بحث ما سببه؟ ما نظامه؟ كيف يأتي الإنسان؟ وعملوا تجارب متعددة لكي يروا هذه الظاهرة. آخر ما انتهى إليه أن النوم ردع ذاتي في الآلة الإنسانية. ما معنى ردع ذاتي في الآلة الإنسانية إن الآلة تعمل قد تتعب تعبا يحمل الإنسان عقله يقول له تحمل قليلا، ويجهد نفسه فيه وقت الآلة تكون انتهت طاقتها في العمل فهي لا تنتظر منك أن تعمل هي نفسها تقول لك قف لا عمل انتهت لم تعد صالحة للعمل. يبقى هذا رادع ذاتي ونلتفت تجدك غلبك النوم ونمت. ما بالك غلبك النوم... ونمت هذه ما معناها؟ معناها أنك لم تعد تصلح لمواجهة الحياة بطاقة، فانتظر إلى أن تعود إلى نشاطك ثانيا. ولذلك يبقى الإنسان متعبا وو.. إلخ والنعاس يغلبه، فينام ساعتين أو ثلاثة ثم يقوم في منتهى النشاط ما الذي حدث؟ ولذلك انظر القرآن عندما يعرضها في عملية حية ويقول: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}... {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} كأن النوم هذا عملية حياتية ضرورية. ولذلك قال بعدما خلقناكم أزواجا قال: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} إذا فمسألة النوم نعمة من نعم الله الكبرى على الإنسان.
ولذلك كان من ضمن آيات الامتنان من الله على خلقه {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ} وبعد ذلك يقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} ثم يقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} إذن جعلنا (النوم سباتا) هذه عملية من النعم الكبيرة ومادام النوم هذا يفقد الإنسان صلته بحركة الحياة فسماه السبات، لأن السبت هو القطع. قطعك عن حركة الحياة بالنوم، قطعك رحمة بك وبآلتك ولذلك سموه موتا {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} لأنه قطع عن الحركة لا إلى عودة ولكنه يفقد الحركة والوعي.
ويذكر الشيخ عبدالرحمن الميداني هذه التجربة التي تؤكد ضرورة النوم بقوله: (وفي هذا نذكر ما قرره علماء الروس من أن التجارب التي أجريت على صغار الكلاب أثبتت أنها لم تستطع الحياة لأكثر من خمسة أيام بغير نوم، بينما عاشت مثيلاتها التي تنام عشرين يوما بغير أكل). وصدق الله العظيم القائل: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}... [الروم : 23]. الحقائق العلمية وبعد إحاطتنا بما قاله المفسرون في بيان الآيات الكريمة الواردة بخصوص النوم نطالع أقوال الأطباء وعلماء النفس حول هذه الظاهرة، تعريفا لها، وتوضيحا لآثارها؛ كي نصل من خلال مقارنة ذلك كله إلى استجلاء موطن العظة والعبرة الذي يكمن في سبق القرآن الكريم إلى الإشارة لتلك الحقائق مع أنه نزل في زمن لا توجد فيه مختبرات ولا ميادين بحث، ومن ثم فقد نزل على نبي أمي يعيش بين قوم لا يكتبون ولا يقرأون؛ بل إننا لدى إدراكنا لوجه التطابق بين ما نراه من حقائق عرفت عن النوم في زماننا هذا وبين دلالات النصوص الواردة بصدد النوم فإننا نكون عند ذلك أمام شاهد آخر من شواهد الإعجاز العلمي؛ وبداية لابد لنا من الإشارة إلى تفاوت كلام العلماء المتخصصين بصدد حقيقة النوم.
وسوف نذكر مختصرا لنظرياتهم مبتدئين بما ذكره الدكتور أنور حمدي في كتابه النوم ص63ـ79 عن تلك النظريات، وكما يلي:
النظرية الأولى: ويمثلها جيمس دريفر؛ والتي عبر عنها بقوله: إن النوم حالة فيسيولوجية ليست مفهومة.
النظرية الثانية: ومفادها أن النوم حالة جسمية فيزيولوجية يحتاج إليها الكائن الطبيعي بصورة متكررة كل ليلة، وتدوم لفترة عدة ساعات يكون خلالها الجهاز العصبي في حالة من الراحة.
النظرية الثالثة: ويرى أصحابها أن النوم هو إمساك القوى النفسانية عن أفعالها، ومنها الإحساسات وقوة التحريك.
النظرية الرابعة: ومفادها أن النوم هو رجوع الحواس عن الحركة وسكون النفس وانقباضها مع الحرارة الغريزية من الدماغ إلى داخل الجوف، وبخارات معتدلة تصعد من الجوف إلى الدماغ.
النظرية الخامسة: بحسب هذه النظرية يحصل النوم نتيجة نقص الدم الوارد إلى الدماغ؛ مما ينتج عنه قلة إرواء الدماغ.
النظرية السادسة: ويطلق عليها نظرية النوم الكيماوية؛ ومفادها أن النوم يحصل من أجل أن يتخلص الجسم من النواتج الضارة وذلك عن طريق انحلالها وتأكسدها؛ ومنها المواد المسماة بروتوجين التي تتجمع في حالة اليقظة ومن ثم فهي تجلب النوم وكذلك المواد المسماة لوكامين). .
وبعد هذا الاستعراض لمجمل النظريات حول النوم؛ وبيان السبب الكامن وراءه نلاحظ فيها التشابه ولذلك نقول: على الرغم من اختلاف وجهات نظر أولئك الذين حاولوا بيان مناط النوم وحقيقته، فإننا نرى بأن هناك نقاط وفاق يلتقي عليها الفرقاء في هذا المضمار والتي يذكرها الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه النوم والأرق والأحلام بين الطب والقرآن حيث نختصر كلامه الوارد في الصفحات من 17 إلى 40 بما يلي:
1- إن النوم حالة طبيعية متكررة يتوقف فيها الكائن الحي عن اليقظة. وتصبح حواسه معزولة نسبيا عما يحيط بها من أحداث. وكل الحيوانات الثديية على اختلاف أنواعها تنام، ويحدث عندها في تخطيط دماغها تغييرات مماثلة لما يحدث عند الإنسان.
2- يحصل لمختلف أجهزة الجسم لدى النوم راحة واستجمام، ومعاودة النشاط للعمل؛ ولذلك فكلما كانت مدة النوم كافية ازدادت إمكانية الجسم للنشاط والعطاء بعده.
3- تتناسب حاجة الإنسان للنوم طردا مع مقدار ما يصيبه من تعب.
4- حرمان الإنسان من النوم مضر جدا؛ وفي حال ديمومة الحرمان فإن الإنسان يصيبه الهلاك.
5- النوم من أقوى الأسباب المعينة على تخليص الدماغ من الارتباك والإرهاق والإجهاد؛ بل ومدعاة لعافيته من بعض الظواهر المرضية التي تعتريه من التوتر والكسل والارتباك والتشتت الذهنى.
6- النوم له عدة أنواع منها الحالم (المتناقض) والتقليدي (الهادئ).
7- يتغير معدل إفراز الهرمونات من الغدد الصماء أثناء النوم. وبهذه الجولة التي قصدنا منها التعرف على نظريات النوم ومعرفة مجالات الوفاق بين الفرقاء في هذا المضمار يستبين لنا كون النوم من الحاجات الضرورية للإنسان؛ بحيث لا يمكن حرمانه من النوم وإلا بأن حيل بينه وبين النوم فإنه يشرف على الهلاك.
ولنتابع جولتنا هذه في عالم المعارف الطبية حول هذه الناحية والتي نلاحظ فيها من خلال التعريف العلمي للنوم حسبما ورد في المراجع المعاصرة والمتخصصة؛ حيث نجد حول النوم وأهميته عدة وجهات نظر وكما يلي:
1- في كتاب الدكتور حمدي ص64 تعريف للنوم بما يأتي: (هو حالة جسمية فيزيولوجية يحتاج إليه الكائن طبيعيا بصورة متكررة كل ليلة وتدوم لفترة عدة ساعات، يكون خلالها الجهاز العصبي في حالة من الراحة، ويكون الوعي متوقفا تقريبا، حيث يكون هناك عدم نشاط في الإدراك والشعور، ومن ثم يتوقف التفاعل الحسي والحركي مع البيئة الخارجية ويرافق ذلك عضلات مسترخية وعينان مغلقتان وهدوء في النفس، وبطء في الدورة والنبض).
2- وفي معجم أكاديميا للمصطلحات العلمية والتقنية عند كلمة نوم نراه يورد ما يلي: حالة من اللاوعي وانعدام النشاط النسبيين تظهر الحاجة للنوم دوريا عند جميع الحيوانات فإذا حرم الإنسان من النوم يتعرض في البدء إلى حالة من الهلوسة والقلق الحاد وبالتالي التأثير عليه وفي النهاية يتعرض للغيبوبة وينتج عنه في بعض الأحيان الموت. يستريح الجسم أثناء النوم وينقص نشاطه وينخفض أيضا نشاط الدماغ (كما تم قياسه بواسطة مخطط الدماغ الكهربائي) وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب وعملية التنفس غير أن بعض النشاطات تزيد مثل النشاط المعدي والنشاط الغذائي. يحدث النوم عادة في دورات يومية يتراوح عددها بين 5 و6 دورات من النوم العادي (الذي يتميز بعرقه) تتعاقب مع دورات النوم الوهمي أو مرحلة الأحلام وهو نوم يتميز بعدم الاسترخاء وحركة العيون السريعة. يحدث هذا النوع من النوم عندما نحلم ويشغل نحو 50% من فترة النوم الإجمالية.
وقد حاولت نظريات عديدة تفسير عملية النوم إلا أنها جميعا كانت غير مقنعة. تتفاوت مراكز السهر والنوم المنفصلة والموجودة في تحت المهاد مع أجزاء أخرى من الدماغ للتحكم بالنوم.
إن النوم بشكل عام وخاصة مرحلة الأحلام هو ضرورة ملحة للصحة والحياة وقد ثبت أن تجارب العلم غير فعالة إلا أن استرخاء الدماغ والتركيز هي من القواعد الأساسية للتعلم... وانظر ص515 من معجم أكاديما وهو من إصدار دائرة المعاجم بدار النشر (أكاديميا إنترناسيونال) بيروت / لبنان.
3- وحول أهمية النوم يلفت الدكتور الكسيس كاريل النظر إلى ضرورة تنظيم النوم، فيقول في الصفحة 262 من كتابه الإنسان ذلك المجهول ما يلي: (ينام الإنسان العصري إما أكثر وإما أقل مما يجب وهو لا ينسق نفسه بسهولة بالنسبة للنوم الكثير ولكنه يدفع ثمنا غاليا إذا نام وقتا قصيرا في فترة طويلة).
4- ولنتأمل كلام د. شبيب الحاضري ص9 من بحث له عن النوم حول فوائد النوم حيث يعدد منها ما يلي:
أ- سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها من تعب. حيث تستريح الحواس من نصب اليقظة، ويزول الإعياء.
ب- يعين الجسم على الهضم.
ج- يخلص الجسم من السموم المتراكمة، كما يعيد الحيوية والنشاط إلى جميع أجزاء الجسم.
د- يساعد في بناء أنسجة الجسم التالفة.
هـ- يعتبر علاجا للقلق والتوتر والاضطرابات العصبية.
و- يعين على راحة أجهزة وأعضاء الجسم مثل القلب.
ز- يزداد أثناء النوم إفراز بعض الهرمونات مثل هرمون النمو (GH1). 5- وتحت عنوان النوم مفيد وضروري لتحسين الذاكرة نشر مقال على صفحة الإنترنت ورد فيه: (يشار إلى أن العلماء كانوا قد كشفوا في وقت سابق عن أن النوم الجيد وخصوصا في الليل يساعد على جوانب معينة من الذاكرة وتحديدا تنشيط استذكار ما حدث في الماضي واستذكار التصورات).
6- كما ورد في مقال آخر على الإنترنت ما يلي: (في جامعة شيكاغو أثبت أن الأرق المزمن يقلل قدرة البالغين على تأدية الوظائف الحيوية الأساسية مثل تخزين النشويات، وعمليات الدماغ بل يؤثر على نظام إفراز الهرمونات. فقد تركوا المتطوعين ليناموا ثماني ساعات عدة أيام ثم 4 ساعات عدة أيام أخر، أدى ذلك إلى قلة تحمل الجلوكوز في الدم واضطرابات في وظائف الغدد الصماء التي تؤدي إلى أعراض مشابهة لأمراض الشيخوخة، أو المراحل لمرض السكر، فلقد قلت قدرة هؤلاء على إفراز الأنسولين بنسبة 30% وأخذوا 40% وقتا أطول لتنظيم معدل السكر في الدم بعد وجبة دسمة من النشويات، كما لوحظ عليهم حالات توتر وتعكر مزاجي. وهذه علامة أخرى من علامات الشيخوخة وهذا يوضح ما يقوله العلماء من أن الأرق له علاقة بأعراض تقدم السن مثل السكر واضطرابات ضغط الدم التي تؤدي إلى الأزمات القلبية من الهرمونات الأساسية التي تتأثر بالنوم غير الصحي هرمون الكورتيزول CortizOL ويعرف بهرمون الضغط العصبي حيث من المفترض في الصورة الطبيعية أن يقل معدل هذا الهرمون حين الاستعداد للنوم، ويزداد عند الاستيقاظ ليساعد على النشاط والحركة ولكن في النوم غير الصحي يرتفع الكورتيزول في الليلة التالية، وتفرز الغدة الكظرية هذا الهرمون بسهولة عند التعرض لأي ضغط أثناء النهار وزيادة هرمون الكورتيزول لوقت طويل يمكن أن يؤدي إلى تحطم الخلايا الدماغية وضمور في مناطق الدماغ الخاصة بالتعلم والذاكرة، كما ثبتت ذلك بعد الأبحاث التي أجريت على الحيوانات كما يؤثر الأرق على هرمونات بناء العضلات وهرمون النمو ويقلل الأجهزة المناعية للجسم).
7- ويؤكد لنا الدكتور عبدالله العبادي ضرورة النوم فيقول: (وهو شيء ضروري للإنسان وغريزي كالأكل والشرب لا يستغنى عنه ولولاه لما استطاع أن يواصل متابعة نشاطاته اليومية، وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل زمانه الليل دون النهار وذلك حين يسكن البشر عن الحركة والضجة والضوضاء ولنوم الليل فائدته أعظم من النهار لما يصاحبه من سكون وراحة بال الإنسان {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} وهكذا اقتضت حكمته سبحانه أن جعل نوم البشر سباتا في الليل). وجه الإعجاز هنا: إننا بهذا الاستعراض لمجمل فوائد النوم وبيان ضرورته وشدة حاجة الجسم إليه، مع ما استبان لنا من توصل العلماء المتخصصين بهذا الجانب إلى معرفة حقيقة مستقرة في هذا الميدان ومفادها: أن النوم ضروري للإنسان وأن حرمانه من النوم مدعاة لهلاكه.
وإن هذه الحقيقة لدى التأمل تتطابق تماما مع ما ورد ضمن دلالات النصوص القرآنية الواردة بصدد النوم. وهذا التطابق التام بين ما دلت عليه النصوص الواردة في هذا الشأن مع ما توصل إليه أولئك العلماء من حقائق ثابتة ومستقرة. يدل بكل جلاء أن القرآن الكريم الذي وردت فيه تلك النصوص هو كلام الله عز وجل وأن الذي بلغنا هذا القرآن الكريم هو رسول من عند الله حقا والحمد لله رب العالمين.

تعليقات

التنقل السريع