تاريخيا، يحتل الهزارة الشيعة الدرجة الدنيا في النسيج العرقي لأفغانستان؛ أمام قبائل البشتون السنة، حكام البلاد التـاريخيين.
في حين يسيطر البشتون على الجنوب والشرق المحاذيين لباكستان، يقبع الهزارة في مرتفعات المنطقة الوسطى المعروفة باسم هزاراجات.
مدينة باميان هي عاصمتهم التقليدية، لكنهم يوجدون أيضا في العاصمة كابل، (يعيش فيها أكثر من مليون منهم)، وخارج أفغانستان في مدينة كويته الباكتسانية، عاصمة إقليم بلوشستان، حيث يسيطر البشتون أيضا.
يمثل الهزارة ثاني أكبر أقلية في أفغانستان، بعد الطاجيك. تترواح نسبتهم -حسب اختلاف المصادر- بين 9 و20 في المئة من مجموع سكان البلاد البالغ عددهم 36 مليونا.
ملامحهم المغولية، ولهجتهم الفارسية، ومذهبهم الشيعي الاثني عشري، تجعلهم مميزين عن باقي الإثنيات، خاصة البشتون بلغتهم الخاصة (البشتو) ومذهبهم الحنفي.
على مدى قرون، شكل الهزارة فئة الخدم والطهاة والسائقين. عاصمتهم باميان، من أكثر مناطق أفغانستان فقرا.
لا يختلف حالهم في العاصمة كابل. ففي تموز/يوليو 2016، قتل داعش 80 منهم، خلال مظاهرة خرجوا يحتجون فيها على استثناء مناطقهم من مشروع خط توتر عال.
أيتام جنكيز خان
يعتقد الهزارة على نطاق واسع أنهم أحفاد جنكيز خان، القائد المغولي الذي اجتاح جنوده أفغانستان في القرن 13.
وعلى ما يبدو، لم يرثوا من سطوة المغول شيئا. فطيلة القرون الماضية تحصنوا بجبال هازارجات، تحت ضغط قبائل البشتون القادمين من الجنوب والغرب، والتركمان والأوزبك والطاجيك شمالا.
في نهاية القرن 19، كاد يقضى عليهم على يد الأمير البشتوني عبد الرحمن خان، الذي أعلن الجهاد ضدهم مسلحا بفتاوى تكفرهم.
قتل قرابة ثلثيهم حينها.
في القرن التالي لم تتحسن أحوالهم، سواء في العهد الملكي أو تحت سيطرة الشيوعيين. وعندما اجتاح الاتحاد السوفيتي أفغانستان سنة 1979، وتكونت المقاومة السنية المدعومة من باكستان، أدار الهزارة وجههم نحو إيران.
دعمت إيران، يحدوها طموح تصدير الثورة، الفصائل الشيعية بالتدريب والمال واحتضنت قياداتها. وشكل الشيعة تحالف "طهران 8" المكون من ثمانية أحزاب شيعية، أغلبها من الهزارة، لمواجهة تحالف "بيشاور 7" المشكل من سبعة تنظيمات سنية مدعومة من باكستان.
هزيمة المنتصر
أجبر المقاتلون الأفغان القوات السوفيتية على الانسحاب في فبراير/شباط عام 1989.
ورغم أن الهزارة، خاصة حزب الوحدة الإسلامي بزعامة عبد العلي مزاري، شاركوا في حصار كابل والإطاحة بحكومة محمد نجيب الله الشيوعية، إلا أن الفصائل السنية أبعدتهم عن السلطة.
ونص اتفاق دخول كابل حينها على تعيين برهان الدين رباني رئيسا (طاجيكي)، وقلب الدين حكمتيار رئيسا للوزراء (بشتون)، وأحمد شاه مسعود وزيرا للدفاع (طاجيكي).
لم يصمد اتفاق دخول كابل، وانقسمت العاصمة إلى مناطق سيطرة متصارعة.
سيطر الهزارة على غرب المدينة، ودخلوا في معارك مع باقي الفصائل.
في 1993 كـان القتـال يدور بشكل أساسي بين ممثلهم حزب الوحدة والاتحاد الإسلامي بزعامة عبـد الرسول سياف.
استمر الوضع على هذه الحال حتـى سنة 1995، عندما استولت حركة طالبان على السلطة، فانحاز أحمد شاه مسعود وبرهان الدين رباني إلى معقلهما في الشمال (وادي بانشير) لقيادة المقاومة ضد طالبان من هناك، وهرب قلب الدين حكمتيار إلى إيران، فيما وقع زعيم الهزارة عبد العلي مزاري في قبضة طالبان في كابل. ولم تتردد الحركة في إعدامه.
في بداية الشهر الحالي، قتل 12 شخصا على الأقل في كابل في تفجير انتحاري استهدف تجمعا للهزارة، وهم يحيون الذكرى السنوية لوفاة عبد العلي مزاري.
خلال فترة حكم طالبان، تعرض الهزارة لاضطهاد شديد، شكلت مجزرة مزار شريف أبرز حلقاته.
ففي 8 آب/أغسطس 1998، سيطر مقاتلو الحركة على المدينة الواقعة شمال البلاد وقتلوا أكثر من 2000 شخص من الأقلية الشيعية، حسب هيومان رايتس ووتش.
داعش والهزارة
شكل الهزارة جزءا من قوات تحالف الشمال التي انضمت إلى الولايات المتحدة الأميركية للإطاحة بطالبان سنة 2001.
ومنحهم دستور سنة 2004 حقوقا متساوية مع باقي الإثنيات، وشاركوا في حكومة الرئيس حميد كرزاي.
لكنهم مع ذلك، ظلوا مضطهدين اجتماعيا، وتحت تهديد الهجمات الانتحارية التي ينفذها مقاتلون من طالبان وداعش.
في عام 2011، قتل أزيد من 80 شخصا من الهزارة في هجمات تزامنت مع ذكرى عاشوراء في مدينتي كابل ومزار الشريف. اعتبرت هذه الهجمات حينها الأعنف من نوعها منذ 2001.
وفي نهاية مايو/آيار العام الماضي، قتل هجوم دموي بشاحنة مفخخة أكثر من 150 من الهزارة وسط العاصمة كابل. تبنى تنظيم داعش الهجوم.
وقبله، في تموز/يوليو 2016، تسبب الهجوم على مظاهرة للهزارة في مقتل أكثر من 80 في حصيلة أولية.
المصدر : وكالات
تعليقات
إرسال تعليق