تذكرتها في ذكري حنين إلي التفتيش في الماضي حين أصبح الماضي كله عاريا أمام عيني حتي ذلك الذي بعد وقد صار أبعد من البعد وأبعد من قدرتي علي التذكر بعد أن غاص الماضي بعيدا جدا في أعماق قلبي وفي أعماق النسيان الذي نسي ؛ حتي أنه قد اختلط بحياة أخري وأشخاص أخري وعوالم أخري ، وقد كانت من قصص حياتي اﻷولي التي كنت قد نسيتها تماما حتي هبطت علي في ذات لحظة تذكر مباغتة ؛ رغم أن قصتها معي كانت هي التي غيرت مجري حياتي عندما لم يسر المجري في جريانه المعهود وفي شريانه الممدود ؛ كانت من قصص الحياة التي كانت تتدفق بأمري وبغير أمري .
كنت قد عجبت لأمري من نسيانها !! ولماذا حضرت فجأة ذكراها بلا سبب وبلا داعي ؛ فقد كنت أيضا بالإضافة للنسيان الذي يضرب الذاكرة الموجوعة ؛ قد عمدت لنسيانها ؛ وقد تركتها تغوص في النسيان ؛ فلفترة قصيرة بعد نسيانها ؛ كانت قد محيت من وجودي ؛ ربما لأنها كانت قد دمرت وجودها في بنفسها ؛ كنت قد أهديتها ؛ ثلاث جوهرات ثمينات ؛ فقالت في حساب الختام أني قد سرقت عمرها .
كنت قد أغلقت شبابيك البرد حينما كانت الحياة “بردا” إمعانا في تدثيرها وكنت قد فتحت شبابيك الحر عندما كانت الحياة “حرا ” ؛ حتي يتبدد الحر بإختلاط ما بالداخل علي نسيم ما بالخارج ؛ فقالت إني قد خنقتها .
كانت تري ما أصنع بغير عين المحب ؛ رغم إلتصاقها بي وكانت تبحث عن الهفوة فيما أقول وكانت الهفوة عندها جرم كبير وكانت أجمل أشيائي لا تحبها ؛ بل كان ما أراه جميلا يزعجها وتراه قبيحا قاتلا : تعطرت بالمسك ؛ فقالت ما أغلظ عطرك ، وتوضئت لها ؛ فقالت لا صلاة منك ولا صلاة لك.
مشيت علي الشوك لها ؛ فقالت ما أبطئ سيرك ، وهرولت إلي طيفها ؛ فقالت أنت عجول أتي في غير موعد . وتسلحت من أجلها ؛ فقالت : أنت تريد قتلي وتجتهد .
ولما بعدت عنها مفارقا ؛ شوقا ، فقالت : لقد حاصرتني وأغلقت علي الحياة ، بحصار تام يكسر روحي ؛ ما أظلمك .
وكنت حين أبجل أسمها ، وأبجل عقلها ؛ فإذا هي قد أنفت وأعرضت ، وحين أبحث عنها ؛ فإنها تهرب ، وحين أوغل في البحث فإنها تمرض ، وحين لم يبق من الفراق اﻷخير بد ؛ فقد عادت وخضعت ؛ ولكن كان قد فات الوقت ونفد الزمن الذي كنت فيه ألعب ومنه أنفق ، وبحريتي فيه أبدد وعليها منه أغدق وهكذا كانت هي من صنع تابوت نسيانها .
تعليقات
إرسال تعليق