يُعدّ قصر رأس التين من أقدم القصور الملكية في مصر، وهو أحد المعالم التاريخية والأثرية التي تطل على شاطئ البحر المتوسط بمدينة الإسكندرية.
تعود الأهمية التاريخية لهذا القصر إلى أنه القصر الوحيد الذي شهد عهد أسرة محمد علي باشا، والتي استمرت ما يقرب من 150 عاما في مصر، وهو أكبر قصور الإسكندرية، وقد أدخل فيه التليفون عام 1879 في أواخر فترة حكم الخديو إسماعيل، قبل أن تخلعه بريطانيا عن العرش.
وقد شهد أيضا القصر نهاية حكم الأسرة العلوية في مصر، حينما تم خلع الملك فاروق وشهد رحيله منه إلى منفاه بإيطاليا على ظهر اليخت الملكي "المحروسة"، من ميناء رأس التين.
بدأ محمد علي باشا في بناء القصر عام 1834 ليضمه إلى قصوره، علاوة على القصور الأخرى التي كان يملكها في الإسكندرية، مثل قصر المحمودية وقصر إبراهيم باشا، وقد تم الاستعانة في تجديده وإصلاحه بعد ذلك بمهندسين أجانب، منهم: المهندس الفرنسي سيريزي بك، والذي استقدمه محمد علي عام 1828 لإنشاء دار الصناعة والإشراف عليها.
وقد عهد إليه بتصميم جناح الحرم في هذا القصر، كما شارك في بنائه مهندسان آخران، هما روميو والمسيو ليفرويج، وقد تم بناء هذا القصر عام 1845، واستغرق بناؤه 11 عاما، ولكن ظلت بعض الأعمال التكميلية قائمة به إلى عام 1847، حيث تم افتتاحه رسميا.
وقد تم بناؤه على الطراز الأوروبي الذي كان شائعا في الإسكندرية في ذلك الوقت، نظرا لكثرة الجاليات الأجنبية الموجودة بها في تلك الفترة، وقد استُخدم في بناء هذا القصر عمال مصريين وأجانب، وقد بني القصر في أول الأمر على شكل حصن، وكان في مكانه عدد كبير من أشجار التين التي كانت موجودة بوفرة في تلك المنطقة، ولذلك سُمي بقصر رأس التين وأصبح بعدها من أهم القصور الملكية في مصر، كما كان مقرا صيفيا للحكام على مر العصور، ينتقلون إليه كل عام خلال فصل الصيف.
وحاليا لم يتبق من القصر القديم سوى الباب الشرقي الذي أدمج في بناء القصر الجديد، وهو يتكون من 6 أعمدة جرانيتية تعلوها تيجان مصرية، تحمل عتبا به 7 دوائر، كتب بداخلها بحروف نحاسية آية قرآنية وكلمات مأثورة عن العدل، مثل: "العدل ميزان الأمن"، "حسن العدل أمن الملوك"، "العدل باب كل خير"، "اعدلوا هو أقرب للتقوى"، ويكتنف هذا العتب من طرفيه تمثالا أسدين، وتتوسطهما كتلة رخامية بها طيور ودروع ونسران متقابلان، وكتب بوسطها اسم محمد علي وتاريخ 1261، وسيظل قصر رأس التين شاهدا على التاريخ على مر العصور.
تعليقات
إرسال تعليق