الحلقة الاولى
تشبث شتشت بيد والده في احكام وهو يقفز مابين الفينة والفينة , محاولا اللحاق بخطى والده الجدية السريعة.
شتشت: بالراحة يابابا , انت ليه النهاردة مستعجل اوي كده؟.
قال الاب بانفعال وتوتر.
الاب: النهاردة اهم جلسة يا شتشت في دراستك لا في حياتك كلها لو استغليتها صح.
قال الصغير بدهشة.
شتشت: اشمعنى يعني؟, ايه المهم اوي كده في جلسة الطلوع دي؟.
امسك الاب بكتفيه ونظر في عينيه مباشرة بجدية تامة.
الاب: النهاردة جلسة مش عادية , ولا الي هيديهولكم النهاردة حد عادي, دا حد ممكن متشوفوش في حياتك الا المرة دي الا لو اتمنيت بجد انك تشوفه وعملت كل الي تقدر عليه عشان يختارك من تلاميذه, الواحد مننا بيعيش عمره كله نفسه يشوفه.
اندهش شتشت لجدية والده , واخذ عقله الصغير يحاول معرفة ما المثير في حضور ابليس جلسة التعليم الاسبوعية التي يذهب اليها الشياطين الصغار منذ نعومة اظفارهم لتعلم فن السيطرة على عقول البشر واغوائهم, لطالما تحدث والده في جلساتهما سويا عنه ولطالما سمع ممن سبقوه عن جلسة الطلوع الا انه لم يع اهميتها ابدا , لذلك تعجب من اهتمام والده المبالغ بهذا اليوم الذي وكما يقول عنه اي شيطان انه يوم قد لا يتكرر الا مع المحظوظين.
****************************
جلس شتشت بمكانه الى جانب متمت صديقه في المجلس يتحادثان حديث الصغار.
متمت: ازاي مش مهم, دي زيارة ابليس دي احسن حاجة ممكن تحصلك في حياتك كلها, بابا شافه مرتين , طول عمره بيكلمنا عليه, اخيررا هشوفه.
شتشت: بس انا مش عارف هو ليه لازم الي يدينا جلسة الطلوع , ماكان اي حد تاني يديهالنا , وهو يجي يزورنا عادي يعني في اي وقت.
التفت الاثنان في خوف الى الصوت الذي ارتفع خلفهما في عمق.
المعلم: عشان جلسة الطلوع اهم جلسة في حياتكو الي هتحدد اسلوبك وطريقة تعاملك مع عدوك,دي اول مرة هتخرجو فيها العملي بتاعكم الي بقالكم 6 سنين من عمركم بتدرسو وتتعلمو عشان اليوم دا يجي وكل واحد يستلم مهمته ويلازم نديمه, عشان رسالتكو الي اتخلقتو عشانها, والي طلعنا كلنا من الجنة عشانها, والي لازم كل واحد فينا يعملها على اكمل وجه عشان نرجع للجنة الي طردنا منها بني ادم وقال ايه نفسه يرجع يسكنها هو تاني , ومين هيقدر يحضرك انك تقابل البشر المتوحشين دول الا الي عرفهم وقابلهم واتعامل معاهم اول واحد, سيدنا كلنا ابليس, الي بيهيء كل دفعة في جلسة الطلوع عشان يعرف الشياطين الصغار طرق التعامل مع الجنس الملعون ان شاء الله.
مع قوله هذه الكلمة دخل الغرفة شيطان صغير يصيح وهو يسرع الى مجلسه.
ستست: طالع طالع.
المعلم: ششششششش.
قفز كل طالب الى مقعده, ودلف ابليس من الباب , وخشع التلاميذ في انبهار.
**********************
جلس شتشت في غرفته قلقا خائفا يتقلب, لقد حذرهم ابليس من البشر, قائلا انهم جنس لعوب ومخادع قد يبدو طيبا وديعا الا انه صنف شرس مثابر لايستجيب الا بالعمل القوي والروح الأبية, وانهم اشرار, بمجرد ماخلقوا تم طرد جنس الشيطان من رحمة الله, وان لايمكن العودة لرحمته الا بإثبات ان جنس البشر الحقير لايستحق كل هذا التشريف الذي حظى به وان جنس الشيطان هو اعلى وارقى ,وان لا وجة للمقارنة بين النار والطين, وان الشيطان كان مفضل في الجنة الى ان جيء بذلك المدلل الى الدنيا, ليتكبر على نعم الخالق بما وهبه اياه من تكريم, وان لا مجال للعودة لرحمته الا باخراج ذلك المخلوق منها, ولعنه كما لعن الشياطين ,ولا بد ان تكون المملكة الشيطانية كلها في خدمة هذا الهدف.
حاول عبثا الاستسلام للاسترخاء والنوم ولكن بائت محاولاته كلها بالفشل, وبات ليلته كلها يفكر في شكل ذلك الانسي المكلف بملازمته حياته, واخذ يتخيل.
*********************
توقف شتشت في دورة المياة مع والده وهو يحاول الا يرتجف, ووالده يشد من أذره.
الاب: خد بالك من نفسك, واوعى تنسى, اياك واياك تقول لنديمك انك شيطان, اوعى تخون الامانة يابني, اوعى تفضحنا وتضيع تعب المملكة بغلطة, لو حياتك هتضيع تضيع بس متقولوش ابدا ان انت شيطان , فاهمني يا شتشت؟.
شتشت: طبعا يابابا.
الاب: اول لقاء مهم جدا يا حبيبي, لازم تعرف دخلة عدوك وتكسب ثقته, الدرس التاني الجلسة الرابعة فاكر.
شتشت: فاكر وحافظ يا بابا كل حاجة.
حاول ان يبتسم الاب في اقتضاب لتشجيع ابنه قبل ان يقول.
الاب: يلا شد حيلك واجمد يا بطل, عايزك تبيض وشي.
ودفعه خارج دورة المياة في رفق ثم اختفى تاركى اياه امام غرفة عدوه اللدود , الذي سيكون ملازما له حتى نهاية عمر احدهما.
دخل شتشت من الباب الملون في خطوات بطيئة خافق القلب, وهو يتوقع رؤية ذلك العدو البشع.
توقف لحظة وهو يلمح الفتي, طفل صغير في الرابعة تقريبا منكبا على مكعبات ملونة يحاول تركيبها, لم يبد مرعبا مثلما وصفه ابليس, على العكس تماما بدا محببا الى النفس, لملم شتشت من شتات نفسه وحرك قدميه واقترب من الطفل ووضع كفه على ظهره, فالتفت الطفل في براءة.
محمود: انت مين؟.
شتشت: انا شتشت انت اسمك ايه؟.
محمود: انا محمود انت اسمك ايه؟.
شتشت: قلتلك اسمي شتشت.
محمود: ايه شتشت دا فيه حد يبقى اسمه شتشت؟.
شتشت: انا اسمي شتشت.
محمود: تعالى العب معايا ياشتشت, دانت غريب اوي, وشكلك غريب واسمك غريب, العب مكعبات, شفتني وانا بلعب مكعبات؟.
جلس شتشت بجانبه على الارض و اخذ يلعب معه.
محمود: انت جيت ازاي؟.
شتشت: من الباب.
محمود: انت جاي مع مين؟.
شتشت: لوحدي ,انا جايلك.
محمود: انت صاحبي؟.
شتشت: اه صاحبك.
محمود: هتعد معايا؟,
شتشت: شوية , هجيلك كل يوم والعب معاك.
محمود: هتلعب معايا ومع نرمين اختي؟.
شتشت: لا مش هلعب مع اختك.
محمود: ليه انت مبتلعبش مع بنات؟.
شتشت: لا, مش كده,بس انت بس الي ممكن تشوفني.
محمود: يعني ماما مش ممكن تشوفك؟.
شتشت: لا.
محمود: ولا بابا؟.
شتشت: لا.
محمود: ولا نرمين؟.
شتشت: لا.
محمود: ولا حمادة صاحبي في الحضانة؟.
شتشت: يووووه بقى, انت شكلك مزعج وهتوجعلي دماغي, قلتلك انت بس الي هتشوفني وتسمعني , انا صاحبك انت بس, ولا مش عايزني ابقى صاحبك بقى.
قطب محمود جبينه.
محمود: انت بتزعقلي, انت وحش اوي, لا مش عايز ابقى صاحبك.
قال شتشت بملل.
شتشت: انت الي وحش, انا مش عايز العب معاك.
وقام ببطء الى الباب , وانتظر قليلا منتظرا نداء محمود الذي ناداه بطفوليه بعد لحظات.
محمود: استنى يا شش بتاع تعالى , انت اسمك غريب اوي, تعالى العب معايا, انا قاعد العب لوحدي من الصبح.
فعاد اليه شتشت في سعادة انه استطاع ان يجعل من محمود راغبا في صداقته .
تعليقات
إرسال تعليق